جرائم الإنترنيت في البلدان العربية
على المستوى العربي، يلاحظ غياب سياسات وطنية تواجه مخاطر جرائم الإنترنيت التي تستهدف القاصرين، وغياب إحصاءات وتقارير ودراسات حول العالم العربي، عكس ما هو موجود في العديد من البلدان، إضافة إلى عدم اهتمام البرامج التعليمية بالجانب التحسيسي في هذا المجال. نفس الغياب يلاحظ على مستوى المجتمع المدني، الذي تنقصه الخبرة والاحترافية.
وتركزت سياسات الدول العربية لمواجهة جرائم الإنترنيت على مجال الإرهاب الإلكتروني وغسيل الأموال والتجارة الإلكترونية والاعتداء على أنظمة الشبكة والحاسوب.
ويعود غياب الاهتمام بجرائم الإنترنيت التي تطال القاصرين إلى الطبيعة المحافظة للمجتمعات العربية وسيادة الطابوهات وضعف المواكبة الإعلامية والرقابة على الصحافة. كما أن معظم الأبحاث والدراسات التي اهتمت بجرائم الإنترنيت، على المستوى العربي، أغفلت التطرق إلى الجرائم التي تستهدف القاصرين.
ومن بين المحاولات القليلة التي اهتمت بهذا الموضوع، نجد مبادرة الحكومة التونسية التي أنشأت موقعا على الإنترنيت لـ "الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية" تتضمن بوابة خاصة لحماية الشباب والقاصرين. يضاف إلى هذا، الدراسة التي أنجزها مركز حرية الإعلام في شتنبر 2005 حول "القاصرون وجرائم الإنترنيت بالمغرب" والتي تضمنت أيضا دليلا موجها للقاصرين والآباء والمربين، وقد حظيت هذه الدراسة بمتابعة إعلامية كبيرة وفتحت نقاشا حول مخاطر جرائم الإنترنيت التي تستهدف القاصرين بالمغرب.
أما التجارب الحكومية، القليلة، التي اهتمت بجرائم الإنترنيت، وركزت بصفة خاصة على الأمن والإرهاب والجرائم الاقتصادية، نجد مبادرة وزارة الداخلية المصرية مع نهاية سنة 2002 من خلال إنشاء "الإدارة العامة للتوثيق والمعلومات" التي تتخصص في مكافحة الجرائم المعلوماتية، ونفس الشيء قامت به الحكومة المغربية عبر إنشاء "مكتب لمكافحة جرائم الإنترنيت" بالإدارة العامة للأمن الوطني. وسبق أن نظمت دول مجلس التعاون الخليجي مؤتمرا إقليميا خلال شهر يونيو2007 حول مكافحة الجرائم الالكترونية في دول مجلس التعاون الخليجي، غير أنه ركز فقط على المعاملات التجارية.
هذه المبادرات القليلة من طرف بعض الدول العربية، تنظاف إليها تجارب بعض هيئات المجتمع المدني، مثل الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الانترنت، التي نظمت 15 ندوة و مؤتمراً لمواجهة جرائم الإنترنت خلال سنة 2007.
وتبرز بعض المعطيات القليلة المتوفرة حول المنطقة العربية أن القاصرين تتهددهم مخاطر حقيقية عبر الإنترنيت. ففي دراسة حول "تأثير الإنترنيت على الشباب في مصر والعالم العربي" ، أنجزه سنة 2005 مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بمصر ، جاء أن جرائم الإنترنيت في مصر ترتبط بفئة الشباب، مضيفة أنه تم ضبط ما يقرب من 200 جريمة إلكترونية، تشمل جرائم السرقة والنصب والتهديد والابتزاز والتهديد بالقتل...إلخ.
وكان منتدى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حول أمن الأطفال عند استخدام الحاسب ، الذي انعقد بمصر في 29 و30 يونيو 2005، قد ناقش مخاطر جرائم الإنترنيت على الأطفال. ورفع عدة توصيات من أبرزها: خلق ائتلاف إقليمي على مستوى عالي لتطوير المبادرات لقضية سلامة استعمال الأطفال للانترنت، و دعوة الحكومات في المنطقة إلى مراجعة القوانين والتشديد على العقوبات الخاصة بجرائم ضد الأطفال، وتطوير التربية وبرامج التوعية العامّة للأطفال، والآباء، والمعلمين من خلال الإعلام والمنظمات غير حكومية.
وفي المغرب، خلصت نتائج البحث الذي أجراه مركز حرية الإعلامالبحث الذي أجراه مركز حرية الإعلام سنة 2006، ضمن تقريره عن القاصرون وجرائم الإنترنيت بالمغرب، إلى أن أزيد من ثلثي القاصرين الذين تم استجوابهم صرحوا بتلقيهم لعروض للسفر، وهدايا، وعروض للزواج عبر الانترنيت (الشات أو الدردشة) من قبل أشخاص غرباء. كما كشف البحث أن أزيد من ربع العينة المستجوبة تلج إلى مقاهي الانترنيت رغم معارضة أولياء الأمر. كما أن أزيد من ثلث المستجوبين لم يسبق لهم أن سمعوا عن جرائم الانترنيت.
وطالب مركز حرية الإعلام، عبر التوصيات التي تضمنها التقرير، السلطات المغربية بإطلاق حملة وطنية للتحسيس عبر وسائل الإعلام العمومية من أجل توعية الأطفال والشباب والآباء بمخاطر الانترنيت. كما طالب أن ترافق هذه الحملة عملية تكوين خبراء التربية من أجل القيام بعملية التحسيس وسط المدارس ونوادي الشباب.
وطالب المركز أيضا بوضع موقع إلكتروني خاص بجرائم الإنترنيت يتضمن نصائح للأطفال والشباب والآباء. مع التأكيد على ضرورة انخراط المجتمع المدني في الاهتمام بجدية بهذه المسألة والاستفادة من تجارب المنظمات الغير الحكومية الدولية